0
إلى جانب «التقلية» وشراب «الحلو مر» «العصيدة» طبق السودانيين المفضل على مائدة الإفطار

تعتبر المائدة الرمضانية السودانية، إحدى أبرز الموائد التي تعتبر جسرا ثقافيا يربط المطبخ الأفريقي بالمطبخين العربي والإسلامي
،

وعلى الرغم من التأثيرات الواضحة للعولمة التي ألقت بظلالها على مجمل أنحاء العالم، وأثرت على الكثير من المجتمعات بطابع إيقاع الحياة السريع فاندثرت بذلك العديد من العادات والتقاليد والمورثات الشعبية، إلا أن تقاليد شهر رمضان المبارك ما زالت راسخة في ‏وجدان المجتمع السوداني، بدءا من موائد الإفطار الجماعية في المساجد أو المجالس، ووصولا إلى إحياء حلقات الذكر القرآنية الجماعية، وأداء صلاة التراويح، وانتهاء بجمع من شباب الحي الذين يؤدون دور “المسحراتي” من خلال حمل الطبل والدفوف وترديد الأهازيج الدينية الشعبية الخاصة بشهر رمضان الفضيل.
تحفل المائدة السودانية خلال شهر رمضان بالعديد من الوجبات الشهية، حيث تتشابه العادات والتقاليد في شمال وجنوب وغرب السودان في قدسية استقبال شهر رمضان، وتبدأ التجهيزات الرمضانية بهذا الشهر منذ شهر رجب، وتبدأ الحركة في الأسواق التي تزدحم ببضائع رمضان المعروفة، كما أن هناك عادة جميلة جدا في السودان تتمثل في تناول الإفطار خارج المنزل، حيث يجلس الرجال في الطرقات لتناول طعام الإفطار الجماعي، بعد أن يقوم كل فرد من الجماعة بجلب طعامه الخاص من منزله، فيتناول الجميع طعام الإفطار بشكل مشترك، ويكون متاحا في الوقت ذاته للفقراء والمساكين، أو من يدركهم وقت الإفطار أو من انقطعت بهم السبيل مع موعد الإفطار وهم بعيدون عن بيوتهم، وتعد موائد رمضان في السودان فرصة عظيمة للتعارف بين الجيران، حيث تمتد الجلسات التي تعرف شعبيا باسم “الونسة” نسبة إلى الأنس، حتى وقت أذان العشاء.
كما يعد شهر رمضان لدى أهل السودان، ‏شهرا للرحمة والعفو والكرم والتقوى إذ يتنافس المحسنون على مد يد العون للفقراء والمساكين، كما يتميز أيضا بروح الجماعة التي تسود‏ ‏فيه من خلال تبادل الأطعمة بين الجيران وحلقات السمر التي يلتف حولها رجال الحي كبارا وصغارا، وإلى ذلك يكثف السودانيون في رمضان ممارسة طقوسهم الدينية، بدءا من قراءة الأوراد والابتهالات، كما تتكثف أيضا حلقات الدروس الدينية قبل صلاة المغرب، وبعد الإفطار تبدأ جلسات الإنشاد الدينية، وتقام حلقات الذكر بمصاحبة الطبول والدفوف بعد صلاة التراويح.

مذاقات عربية أفريقية

يعتبر المطبخ السوداني أحد أبرز المطابخ العالمية التي ما زالت تجمع بين ثقافتين ونكهتين ثريتين حيث يتجاور فيه الذوق العربي الأصيل مع الروح الأفريقية المثيرة، وهو إلى ذلك يتميز أيضا بأطباقه الشهية الخفيفة سريعة التحضير مثل “التقلية السودانية” وهي طبق يتكون من اللحمة المفرومة والباميا الجافة (الويكه)، وطبق “الشيّة” المكون من لحم الغنم المشوي على الفحم الذي يقدم مع سلطة “الأسود” المكونة من الفول السوداني والباذنجان المشوي على النار والخبز، حيث يندر وجود الأرز في المطبخ السوداني، وهناك “القُرّاصة” وهي عجينة تفرد على الصاج على شكل خبزة وتضاف عليها إما “التقلية” أو “البامية المفروكة” أو”الثلج (نوع من الخضراوات السودانية)، وعموما يقال إن المرأة السودانية تجيد الوصول إلى معدة زوجها وبالتالي إلى قلبه بسهولة عبر إمتاعه بما لذ وطاب من الطعام.

جسر العودة

يعتبر شهر رمضان في السودان شهر العودة إلى المطبخ السوداني الأصيل بعد أن تعرض للكثير من المتغيرات، حيث تتميز المائدة الرمضانية بتعدد خياراتها من الأطعمة والمشروبات ذات القيمة الغذائية العالية، وتختلف هذه الأطعمة في أسمائها ومكوناتها من منطقة إلى أخرى، فيما تتشابه المكونات والمواد الخام التي تكون غالبيتها من مواد محلية مصنعة، ويستغرق تحضير الأطعمة والمشروبات وقتا طويلا وأموالا طائلة، حيث تبدأ ربات البيوت بشراء البهارات إلى جانب مستلزمات “الحلو مر” وهي مشروبات سودانية خالصة يتم تركيبها من عدة مشتقات محلية تخلط وتصنع على عدة مراحل، كما تتسابق ربات البيوت في إعداد الأطعمة التي تتطلب خبرة كبيرة وقدرات خاصة، مثل “الكسرة” التي تقدم مع العديد من الأطباق الشهية، والسلطات والزبادي ومُلاّح الروب.

أطباق غنية بالتوابل
العصيدة السودانية مصنوعة من دقيق الذرة
العصيدة السودانية مصنوعة من دقيق الذرة

كما تتميز المائدة السودانية تتميز عن غيرها من الموائد، بأطباقها المميزة المتوارثة عبر الأجيال، إضافة لكونها غنية بالتوابل والبهارات المميزة، حيث تقدم أطباقا مختلفة في كل وقت حسب كل مناسبة، ونظرا لجمال ولذة هذه الأطباق انتشرت سريعا في دولة الإمارات العربية، بحكم وجود أعداد كبيرة من الجالية السودانية المقيمة في الدولة منذ زمن طويل، فبرزت بذلك مطاعم سودانية عديدة في مختلف مدن الإمارات، حتى أصبحت اليوم مقصدا لكل السودانيين والأفارقة وكثير من المواطنين والمقيمين العرب والسياح من مختلف الجنسيات، سواء في رمضان أو في أوقات السنة الأخرى.

أشهر طبق

تعتبر العصيدة من أشهر الأطعمة السودانية على الإطلاق، ويتم إعداد العصيدة في السودان عموما من دقيق الذرة المطحون، وبما إن ذلك لا يتوفر لكثير من الأسر المهاجرة، فقد تفننت ربات البيوت السودانية في العديد من أنحاء العالم، بإعداد العصيدة عبر خلط اللبن الزبادي وتقويته ليتماسك بإضافة معلقة أو اثنتين من مسحوق دقيق الذرة المحلولة في ماء، بعد رش ذرة من الملح.

أطباق المناسبات

يعتبر الضلع أهم جزء من الخروف لأهل السودان، وهو يعد في المناسبات والأعياد والولائم ويتكون من فخذ الخروف أو أذرعه، حيث يغسل اللحم جيدا ويتبل بالملح والبهار وعصير البصل، وتعمل شقوق في اللحم بالسكين على أبعاد وتحشي بالثوم، ويقلى الضلع في الزيت أو السمن حتى يحمر ويصب عليه الماء المغلي قليلا قليلا، حتى ينضج ويحمر في نفس الدهن أو يوضع في صينية ويزج في الفرن قليلا حتى يحمر ويجف يقدم صحيحا أو يقطع حسب الرغبة ويزين بالخضراوات أو البطاطس المحمرة.
وأخيرا يشكل شهر رمضان في السودان مناسبة احتفالية بحد ذاته، حيث اعتادت في رمضان على تجديد أواني المطبخ ابتهاجا بالشهر الفضيل، عبر استبدال الأواني والأطباق القديمة بأخرى جديدة، كما يتم تزيين البيوت وطلاؤها وتنظيفها ورشها بالعطور والبخور.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الأخبار

الحديث والدعاء

 
تعريب وتطوير الـــــجـــزار
مدونة الجزار © 2013 | عودة الى الاعلى
Designed by AL gazar